الخروج بلا مجد من الجنوب العربي

ترجمة مسعود عمشوش
في 29 نوفمبر 1967، انتهى بشكل مفاجئ ومخزي ما يقرب من 130 عامًا من الحكم البريطاني لعدن. فمنذ التخلص من الانتداب على فلسطين في سنة 1948، لم تحاول بريطانية أبدا إنهاء الاستعمار بهذه الطريقة المتعمدة والدنيئة وغير الرسمية. فهذه الطريقة في التخلص من أجزاء من الإمبراطورية كانت فريدة من نوعها في التجربة البريطانية بعد الحرب العالمية الثانية؛ ففي يوم المغادرة لم يكن هناك نظام محدد يخلفنا لتلقي رموز الدولة المستقلة. ولم يكن هناك رئيس وزراء أو رئيس من السكان الأصليين ينتظر رفع العلم الوطني المصمم حديثًا؛ ولم تحضر أي شخصية ملكية للاحتفال بتخلي بريطانيا عن مسؤوليتها، والترحيب بأحدث عضو في الكومنولث.
ولم يكن هناك تبادل للأناشيد الوطنية ولا أي شكليات أخرى، مهما كانت بسيطة؛ مجرد وقفة قاتمة هي كل ما حدث في اللحظات الأخيرة لعملية انسحاب عسكري واسعة النطاق، سمح خلالها للمفوض السامي المنتهية ولايته بتحية علم الاتحاد أثناء هبوطه الأخير في مطار يخضع لحراسة مشددة لسلاح الجو الملكي، لحظة تميزت خلالها فرقة مشاة البحرية الملكية، ليس بـأداء النشيد الوطني، ولا حتى بـمقطع “أرض الأمل والمجد”، لكن بمقطع آخر مناسب تماما لما يحدث؛ فهو يقول: “الأشياء لم تعد كما كانت من قبل”؛ مع لحن من الموسيقية المعاصرة. بعدها استقل السير همفري تريفيليان، المندوب السامي الأخير في سلسلة طويلة من الحكام الاستعماريين، برفقة مجموعة من موظفيه، هليكوبتر ليطير إلى سفينة القيادة لواحد من أكبر الأساطيل البحرية الملكية التي تم تجميعها منذ عملية السويس سنة 1956. وهكذا – حسب كلمات السير همفري تريفليان- أصبح إخلاء عدن كاملا. وقال كذلك في كتابه (الشرق الأوسط في ثورة): “لقد غادرنا دون مجد، ولكن دون كارثة”.
أما الكلمات الأخيرة في الكتاب فقد كانت: “لم تقدم فترة احتلالنا للجنوب العربي سوى القليل من الخير الدائم، على الرغم من العمل المتفاني الذي قام به كثير من الإنجليز المخلصين، ومن الكثير من النوايا الطيبة، ومهما كان حجم الصواب والخطأ في الطريقة التي غادرنا بها البلاد، وأيًا كان من سيأتي بعدنا، فوقت وجودنا هناك قد انتهى. وإذا كان علينا الرحيل فمن الأفضل ألا نتأخر. “
Comments are Closed