كتاب الحزايا الحضرمية

الحزايا الحضرمية، دراسة ونماذج
تأليف مسعود عمشوش
المقدمة
حضرموت غنيَّةٌ بتراثها الأدبي، شعراً ونثراً. ومن بين فنون النثر السردي الواقعي التي اشتهرت في حضرموت: أدب السيرة والسيرة الذاتية وأدب الرحلة. ومن بين فنون النثر السردي الخيالي التي مارس الحضارم كتابتها: المقامات والروايات والقصة القصيرة. ويزخر الموروث السردي الحضرمي كذلك بأنواع مختلفة من الحكايات، ومنها الحزايا. وعلى الرغم من أن الحضارم لم يهتموا بالحكايات الشعبية بقدر اهتمامهم بالأمثال الشعبية، يمكننا اليوم الوصول إلى مدونة لا بأس بها من الحكايات الشعبية، مبعثرة في عدد من الملازم والدراسات والكتب وذاكرة كثير من المسنين والمسنات.
فمنذ مطلع هذا القرن قام أحمد عمر مسجدي بتضمين كتابه (من الأدب الشعبي للطفل) بضع حزايا جمعها في مدينة الشحر بساحل حضرموت. وضمّن الباحث مسعود علي الغتنيني الدراسة، التي نشرها في مجلة (حضرموت الثقافية، العدد 15) بعنوان (المحازي في الأدب الشعبي المشقاصي)، أربعة نماذج اعتمد في صياغتها لهجة المشقاص بساحل شرق حضرموت. وفي سنة 2006 قامت إدارة مدرسة فاطمة الزهراء للبنات بتاربة في وادي حضرموت بنشر مجموعة (حزايا الدار)، التي تضم ثلاث عشرة حزاية قامت بجمعها تلميذات المدرسة، بإشراف المدرسة نجلاء صالح العامري. وقبل ذلك، قام أحمد بن محمد الحبشي بتضمين ملزمته (الكشكول) عددا كبيرا من الحكايات والأمثال الحضرمية. كما قام حسين بامحيمود بجمع عدد كبير من القصص والطرائف من عدد من الكتب الحضرمية، ووزع بعض النسخ الورقية منها بعنوان (قصص وطرائف حضرمية)، وذلك في إطار ضيّق جدا. وقد اخترنا النماذج التي قمنا بدراستها في هذا الكتاب من تلك الكتب والملازم والدراسات. وضمن تلك النماذج وضعنا خمس حزايا قمنا بتوثيقها من مصادر شفهية.
ولم نستطع للأسف الوصول إلى نصوص الحكايات التي شارك في جمعها عمر بارجاء والمرحوم علي بارجاء ومناف عبود برعاية مؤسسة (G.T.Z.) الألمانية، في وادي حضرموت. وقد قدّم علي بارجاء عددا منها في برنامج أعده لإذاعة سيئون بعنوان (وقالت جدتي).
الحكاية والحزاية
الحكاية (le conte) جنس سردي نثري خيالي قصير، وكانت من أكثر الأجناس الأدبية والفنية انتشارا، إذ إنها تتضمن جزءا من معتقدات الشعوب وثقافاتها وعاداتها، كما وظفها الرواة لتصوير بعض أحداث الحياة وأساليب المعيشة، في قالب سردي مشوِّق. وكانت الحكاية في الآداب القديمة تزاحم الملحمة التي تعدُّ جنساً سردياً خيالياً طويلاً. وكلاهما يحتويان على بعض العناصر الخارقة. وهناك من يرى أن الملحمة تطورت وأفرزت الرواية الحديثة حينما تخلصت من العناصر الخارقة، وتحوّلت الحكاية إلى القصة القصيرة حينما تخلصت من العناصر الخارقة.
وبفضل جاذبية القالب السردي الخيالي وُظِّفت الحكاية لجذب الكبار والصغار، وتنوعت أشكالها، وظهرت في الأدب العربي حكايات (كليلة ودمنة) وحكايات (ألف ليلة وليلة)، التي تأثرت بها الآداب الغربية. وفي القرن الثامن عشر ظهرت في فرنسا الحكاية الفلسفية التي اشتهرت كثيرا بفضل إسهامات الفيلسوف الفرنسي فولتير.
وما الحزاية؟
يطلق الحضارم على الحكاية الشعبية الموجهة للأطفال: الحزاية، وجمعها في وادي حضرموت: حزايا. وتسمى في المشقاص بساحل حضرموت: محزاة وجمعها محازٍ، أو (محزارة) وجمعها (محازر). أما الباحث أحمد عمر مسجدي فيؤكد في كتابه (من الأدب الشعبي للطفل) أن الحكايات الشعبية في الشحر بساحل حضرموت تسمّى: أسفارا ومفردها سفرة.
والحزاية أو المحزاة أو السفرة نوعٌ من الحكايات موجهة للأطفال، وعادةً تتولى سردها الأمهات أو الجدات أو العجائز، وذلك بهدف تنشئة الأطفال وفق المعايير المعتمدة في مجتمعهم، وزرع قِيَمِه وعاداته فيهم، وصقل شخصياتهم، وتوسيع مداركهم، وإكسابهم عدداً من المعلومات والمعارف والمهارات المختلفة، بطرق سلسة يغلب عليها الترفيه والخيال الواسع. ومثل معظم الحكايات تتضمن الحزاية في الغالب عناصر خارقة.
***
لقد دفعني شغفي بالموروث السردي الحضرمي إلى تسجيل بعض الحزايا بصوت الوالدة وذلك قبل نحو أربعين سنة. وفي مطلع ثمانينيات القرن الماضي اخترت (تأثير فن السرد في حكايات ألف ليلة وليلة في الأدب الفرنسي في القرن الثامن عشر) موضوعا لأطروحة الدكتوراه التي ناقشتها في جامعة السوربون سنة 1988. وبعد ذلك، قمت بدراسة المقامات الحضرمية، والرواية وأدب الرحلة وأدب الرسائل والسيرة الذاتية في حضرموت.
وفي هذا الكتاب، اخترت أن أقدم للقارئ دراسة موضوعية وفنية مركزة للحزايا الحضرمية، وذلك من خلال قراءة تحليلية لخمسة عشر نموذجا منها. وقد كرست الفصل الأول منه لدراسة أبرز الموضوعات التي تناولتها الحزايا الحضرمية، مثل: زوجة الأب (الخالة)، وتجاوز الحواجز الاجتماعية، والحماة والكنة، ووفاء الزوجة وخيانتها، والعناصر الخارقة. في الفصل الثاني قدمت بعض الخصائص اللغوية والبنيوية للحزايا الحضرمية. وضمّنت الكتاب النماذج التي قمت بدراستها. ووضعت في الملحق نصوصا لحكايات (ساندريلا) و(ووريقة الحنا) و(حمدة وفسيكرة)، وذلك بهدف تمكين القارئ من المقارنة بين الحزايا الحضرمية وحكايات الأطفال العالمية.
والله ولي التوفيق.
مسعود عمشوش
المحتويات
المقدمة 5
الفصل الأول- الأبعاد الموضوعية للحزايا الحضرمية 9
أولا – زوجة الأب (الخالة) 9
ثانيا- الموضوعات الأخرى التي تناولتها الحزايا الحضرمية 23
تجاوز الحواجز الاجتماعية 23
وفاء الزوجة وخيانتها 24
الحماة والكنة 26
ثالثا- العناصر الخارقة في الحزايا الحضرمية 27
الفصل الثاني- السمات اللغوية والبنيوية للحزايا الحضرمية 29
أولا- السمات اللغوية 29
ثانيا- السمات البنيوية 35
النماذج: 41
حزاية (فاطمة وكعدة) 41
حزاية (فاطمة في الشعوب هايمة) 44
حزاية (الانتقام) 48
حزاية (سيدي يقرأ على الضانة) 51
حزاية (محمد وفاطمة) 53
حزاية (خطر أبو مطر) 57
حزاية (حسن وحسناء) 59
حزاية (البنت التي أخذها العفريت) 62
حزاية (ابن الحطاب) 65
حزاية (عمرو الكيسح) 68
حزاية (كر يا كر) 77
حزاية (سمع سمع يا مخزن القصبي) 79
حزاية (مولى الحسارة) 81
حكاية (الحبّانية التي ذبحت حماتها) 82
حزاية (حزام وعروة) 84
الملحق: 88
حكاية (ساندريلا) 88
حكاية (وريقة الحنا) 97
حكاية (حمدة وفسيكرة) 109
Comments are Closed