موقع ثقافي تعليمي

ظواهر سادت ثمّ بادت (2) البيجو الجماعي

مسعود عمشوش

منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي وحتي نهاية القرن، ظلّ البيجو سيّد المواصلات الجماعية للتنقل داخل عدن أو بين عدن والمدن الأخرى في بلادنا. وفي فرزات الشيخ وكريتر والتواهي كان علينا أن نتحلّى بالصبر والانتظار؛ فالسواقين لا يتحركون إلا بتسعة ركاب؛ ويصرون على حشك أربعة ركاب في الوسط وثلاثة في الخلف واثنين في القدام.. وأنت وبختك: أحيانا تزكمك رائحة المدخنين وأحيانا تنقلك روائح الفل والبخور إلى عوالم أخرى. لكن منذ مطلع هذا القرن الحادي والعشرين، تراجع الإقبال على تكاسي البيجو ولم نعد نراها كثيرا في الطرقات. فللتنقل بين المدن استطاعت باصات النقل الجماعي الكبيرة والراحة والرويشان والبراق، وغيرها أن تسحب البساط من البيجو. ثم أكملت الباصات المتوسطة والصغيرة ما تبقى، واليوم بالكاد يغادر بيجو واحد عدن إلى خارجها.

وداخل عدن لم أعد أرى البيجو لا في خط الجسر ولا في طريق عدن البريقة، ففي الفرزات وخارج الفرزات، حلت محله باصات الهايس والدباب، التي يصرّ أصحابها على عرقلة الحركة في جميع الجولات والطرقات.

وحتى في بعض الخطوط الداخلية التي لا تزال التكاسي الجماعية تعمل داخل عدن مثل خط التواهي – جولدمور وخط جولة البط – الجامعة، لن ترى اليوم إلا سيارة الكورولا والهيونداي. وعندما سألت ولدي البالغ من العمر 22 سنة عن تكاسي البيجو الجماعي أكد لي أنه لا يعرفها.

لهذا يبدو لي أن من أسباب اختفاء البيجو في شوارعنا غلاء أسعارها وأسعار قطع غيارها مقارنة بالسيارات اليابانية والكورية، وصعوبة إقناع تسعة ركاب بالجلوس معا داخل تكسي صغير مهما كان السبب.

وبالمناسبة، حتى في مصر أصبحت تكاسي البيجو الجماعية من الظواهر المنقرضة ولا تستخدم إلا من قبل بعض السياح التواقين لأيام زمان.

Comments are Closed