البيان الصحفي وإشكالية ترجمته

مسعود عمشوش
أولا- ما البيان الصحفي؟
البيان نص موجز ذو طبيعة صحفية إعلامية ترويجية، ويقع تحديدا ضمن اختصاصات أقسام العلاقات العامة. وينعت بـ(صحفي) لأنّه موجّهٌ أساسا لجمهور من الصحفيين، الذين يفترض أن يقوموا هم بنشر محتواه بطرقهم الخاصة على نطاق واسع. فالبيان الصحفي وسيلة لتعميم المعلومات التي يراد نشرها عبر وسائل الإعلام المختلفة بهدف توصيلها لأكبر قدر من الناس، وبمختلف وسائل الإعلام، التقليدية والحديثة والرقمية، وبلغات عدة. وللبيان الصحفي هدفان رئيسيان؛ يكمن أولها في تعميم خبر حدثي بطريقة رسمية أو مؤسساتية، أي أنه يُكتَب بناءً على رغبة صانع الخبر، وليس بمبادرة الصحفيين. أمّا الهدف الثاني: ترويجي؛ فبواسطة إصدار البيان الصحفي تسعى حكومة ما أو منظمة أو مؤسسة ما إلى تعريف الجمهور الواسع بما استجد فيها من أحداث وتغيير وتطوير. والبيان الصحفي يمكن أن يُسهم في الضغط على الرأي العام وصنّاع القرار، داخليا وخارجيا، وتوجيهه نحو ما يخدم مصلحة الجهة التي تصدره. لهذا نجد كثيرا من مدراء المؤسسات العامة والخاصة يحرصون على الحضور الدائم في وسائل الإعلام من خلال إصدار بيانات صحفية بشكل منتظم بهدف جذب الانتباه ومساعدة المؤسسة إلى توسيع شبكة مناصريها أو زبائنها.
وبشكل عام، لا تستخدم البيانات الصحفية لنشر الأحداث اليومية الروتينية، بل للفت انتباه الناس حول الجديد الاستثنائي الذي طرأ فيها، ورفع مستوى الوعي بها، وجذب انتباه الصحفيين والحمهور، والحصول على تغطية ترويجية موجهة وواسعة. والبيان الصحفي لا يكون فعّالا وذا مصداقية إلا عندما يتضمّن الإعلان عن إضافة أو تغيير كبير داخل المؤسسة، كاستحداث قسم أو منتج جديد، أو الإعلان عن سياسة حديدة أو منح جائزة بهدف تحفيز المناصرين والزبائن وجذبهم ونيل تقديرهم واحترامهم.
وتحرير البيان الصحفي لا يختلف كثيرا عن تحرير الخبر الصحفي. ومن أهم مرتكزات كتابة البيان الصحفي: الالتزام باستخدام أسلوب موجز ومركز وواضح وسلس وأنيق عند صياغته. وفي أعلى البيان يتم ضع الترويسة الخاصة بالمؤسسة (الجهة التي تصدر البيان)، والتاريخ ومكان الإصدار، وعنوانا لافتا ودالا على موضوعه. ويجب أن تحتوي الفقرة الافتتاحية على نحو خمسة جمل تخبر المتلقي، وتجيب عن الأسئلة الآتية: ماذا يحدث؟ وأين يحدث؟ ومتى يحدث؟ وسبب أهمية الحدث. والبيان الصحفي لا يزيد طوله عادةً عن صفحة واحد و1500 حرفا. (1 إلى 2 ورقة = 1 إلى 2 × 1500 حرف)، يتم بواسطتها الإبلاغ عن خبر أو موضوع واحد محدد.
ثانيا- إشكالية ترجمة البيان الصحفي:
في مجال الإعلام، يواجه المترجمون عادةً نوعين من النصوص ذات الطبيعة الصحفية: المقالات (article) بمختلف أنواعها، والبيانات الصحفية (release of press) أو (communiqué de presse). فيما يتعلق بالبيانات الصحفية، من المعلوم أنها تحرر بهدف النشر على نطاق واسع وفي الغالب بأكثر من لغة. لهذا فهي تترجم حتى قبل نشر نصها بلغة الجهة التي أصدرتها، سواء كانت حكومة منظمة أو مؤسسة أو حزبا أو حتى شخصية اعتبارية. واليوم تحرص جميع الحكومات غير الناطقة بالإنجليزية، على نشر ترجمة إنجليزية موازية للنص المحرر بلغتها الرسمية. وهناك حكومات ومؤسسات ومنظمات كثيرة تقوم بنشر بياناته بلغات عدة أخرى غير الإنجليزية، وذلك لكسب الرأي العام على المستوى الدولي، وتوجيهه، ومن ثم كسب تأييده. ويبدو أن هذا الأمر لا يزال اليوم غائبا عن أذهان مسئولينا.
ومن حيث المبدأ، يفضل أن يكون مترجم البيان الصحفي مترجما وصحفيا في الوقت نفسه، ويتقن أكثر من لغة، وعلى دراية جيدة بقواعد كتابة النصوص الصحفية. وعليه لترجمة البيان الصحفي ألا يلجأ لوسائل الترجمة الآلية، وألا يكتفي بالترجمة الحرفية، بل عليه في كثير من الأحيان أن يقوم بتكييف النص ويأخذ بعين الاعتبار ثقافة المتلقي مع الحفاظ على جمال البيان وسلاسته، وأن يتذكر أن البيان الصحفي، أكثر من أي نص صحفي آخر، يخضع لقيود السلاسة والأناقة والوضوح والإيجاز.
ومثلما هو الحال بالنسبة لترجمة الأخبار، يعد عامل الوقت مهما وحاسما بالنسبة لمترجم البيانات الصحفية. وكما ذكرنا عادة تنشر الترجمة مع النص الأصلي للبيان في الآن نفسه. وعادةً يكون البيان الصحفي المهم متعدد اللغات.
Comments are Closed