الكتابة خبزنا اليومي
Posted by:مسعود عمشوش | أبريل 29, 2022
الكتابة خبزنا اليومي
لا شك في أن هناك علاقة تلازم بين مهارتي الاستماع والكلام، وبين مهارتي القراءة والكتابة. فلكي نكتب علينا أولا تعلم القراءة. والكلام والكتابة يجسدان قدرة الإنسان على التعبير والتفكير. ومن المؤكد أن أهمية ممارسة الكتابة (وكذلك الكلام) للعقل السليم، ومن خلالهما ممارسة التفكير والتعبير، يمكن أن تكون في أهمية ممارسة الرياضة للجسم السليم ويمكن للفرد من خلال تحسين مهارته في الكتابة تحقيق تنمية كفاءاته في عمله وتحقيق أهدافه بسهولة ورفع مكانته واحترامه لدى الآخرين. حتى بالنسبة لمن يتعلم لغة ثانية، يُعد اكتساب مهارات الكتابة بهذه اللغة ضروريا للغاية.
ومن المسلم به أن من يتقن الكتابة يتمكن من الالمام بخفايا اللغة وتراكيبها وتكوين ذخيرة كبيرة من الكلمات والتعابير، وكل هذه الأدوات يستطيع أن يوظفها كذلك في تنمية قدراته التعبيرية والتواصلية والإقناعية ليس بالكتابة فقط، بل كذلك بالكلام.
وعلى الرغم من أن التعبير عن وجهة النظر بالكلام قد يكون أسهل للبعض، فإن اللغة المكتوبة -بالنسبة للآخرين- يعد الطريقة الوحيدة التي تمكنهم من التواصل والتعبير عن ذواتهم.
وبالنسبة للكتابة يستطيع الفرد ان يحسن مهاراته من خلال بعض الخطوات، منها: الحرص على كتابة مسودة لما يود كتابته، على الأقل في المراحل الأولى. فالمسودة تساعد على تدفق الأفكار والتلقائية. وفي بعض الأحيان علينا قبل الشروع في تحرير موضوع ما وضع خطة نسجل فيها خطوطه العامة والأساسية. وهذه خطوة تدربنا على الإجمال (أي النظر إلى الموضوع في شموليته) والتحليل.
ومن وسائل تحسين مهارة الكتابية والتعبير الاهتمام بمعرفة المعنى المعجمي العام للكلمة الذي يمكن أن يختلف تماما عما ستدل عليه عند استخدامها في سياق الكتابة أو الكلام.
ويرى بعض التربويين أن تجريب أنواع مختلفة من الكتابة، مثل المذكرات واليوميات والتغريدات والمقالات والخواطر والشعر والقصص القصيرة يمكن أن يحفز الفرد على الاستمرار في ممارسة الكتابة. حتى ممارسة كتابة التدوينات في وسائل التواصل الاجتماعي تساعدنا على تحسن مستوى قدراتنا التعبيرية والكتابية.
وفي البلدان الغربية هناك معاهد ومؤسسات تنظم ورش لممارسة مختلف أنواع الكتابة.
إذ أن الهدف من اللغة بشكل عام والكتابة (الكلام) يكمن في الرغبة في التواصل مع الآخرين وتبادل الأفكار معهم. وبالنسبة للغة العربية التي تتميز بوجود هوة بين لغة الكتابة ولغة الكلام عند معظم مستخدميها، أرى أن علينا السعي إلى تقليص هذه الهوة من خلال جعل حركة شفتينا تقترب من حركة قلمنا، وهذا يساعدنا على التخلص من الكلمات والتراكيب العامية الصادمة في كلامنا أولا ثم في كتابتنا، ومتى ما استطعنا أن نتكلم مثلما نكتب وأن نكتب مثلما نتكلم فأننا نبلغ مستوى عال من التلقائية في التعبير. وهذا هو المطلوب.
وأخيرا علينا ألا نتردد في عرض ما نكتبه على صديق ضليع بالكتابة وإلزامه بإبداء الراي فيه وتصوبه لغويا. وكثير منا لا يعرفون أن عددا كبيرا من الكتاب الموهوبين والمبدعين يعتمدون باستمرار على ملاحظات أصدقائهم أو المصححين المحترفين. ولا يمكن لأحد أن يتجاوز الأخطاء الكتابية إلا من خلال الممارسة والتنبيه من قبل الآخرين الطيبين. ,والخطأ ليس أن نخطئ لكن أن نستمر في الخطأ.
Comments are Closed