قراءة أولى في رواية الهدية الأخيرة لعبد الرزاق قرنح

من قرنح/غورنه إلى هناء/آنا (مسودة)
مسعود عمشوش
في رواية (الهدية الأخيرة The Last Gift ) يتناول الروائي عبد الرزاق سالم قرنح، الذي يحمل الجنسية البريطانية، وولد من أبوين حضرميين في جزيرة زنجبار سنة 1948، موضوعات الهوية والمسكوت عنه والأسرار المرتبطة بأصل العائلة، التي قد يخفيها الآباء عن أبنائهم. ويتطرق كذلك بعمق لمكونات تلك الهوية، كالذات وبيت الأسرة، والهجرة والمنفى، وذلك من خلال سرد تفاصيل حياة الزوجين عباس ومريم اللذين التقيا في مدينة أحد مصانع مدينة اكستر البريطانية، سنة 1974 تقريبا. وكانت هي تبلغ من العمر سبعة عشر عامًا، بينما كان هو في الرابعة والثلاثين. وكان بحارًا قدم من بلد أفريقي لم يذكر اسمه. أما هي فقد تخلت عنها عائلتها وتركته عند بوابة المستشفى وهي لا تزال رضيعة. وتنقلت من عائلة بالتبني إلى أخرى، إلى أن احتفظ بها زوجان هنديان حجبت طيبتهما الظاهرة معاملتهما القاسية لها. لهذا لم تتردد في الهروب مع عباس حينما قال لها “يا الله [هكذا في الأصل]، دعينا نذهب!”. ولم يطلع عباس مريم بأي شيء عن أصله، وكذلك ولده جمال، وبنته هناء التي ولدت وترعرعت في بريطانيا وتشعر أنها بريطانية تماما، ولهذا حذفت الهاء من اسمها وأصبحت (آنا)!
وفي البداية رفض عباس أن يذكر أي شيء لزوجته عن ماضيه وأصله، وظل يحرص على عدم الخوض في حياته المبكرة، والاحتفاظ بسره. لكنه، عندما يصاب بإحدى الجلطات الدماغية التي يعاني منها، اضطر أن يزيح النقاب قليلاً قليلاً، لزوجته، عن كيفية مجيئه من زنجبار في سواحل شرق إفريقيا والاستقرار في بريطانيا. ويقول: “تريدني أن أتحدث، وتقول لي إن الحديث سيفيدني. وتقول إن عليَّ أن أتحدث حتى يعرف الأطفال الأشياء التي لم أخبرهم بها. وتقول إنهم يخافون من أسراري. وأرد عليها أن الآباء لديهم دائمًا أسرار يخفونها عن أطفالهم. أليس كذلك؟ وكيف عرفوا أن لدي أسراراُ ليخافوا منها؟ والدي كان فقيراً عندما كان طفلاً، لكن عندما عرفته كان قاسياً ومخيفاً. كان رجلا قصيرا لا يكلُّ أبداٌ عن توجيه الأوامر. ولا أعتقد أنني اهتممت بما لم يخبرني به عن حياته. وحتى لو كنت مهتمًا، لم أكن لأعرف كيف أطلب منه أن يخبرني بأي شيء. وحتى لو كنت اهتممت بذلك وطلبت منه أن يخبرني، لم يكن ليخبرني بأي شيء لمجرد أنني اهتممت. ولم أسمع أمي تتحدث عن طفولتها أو ماضيها … كل إنسان لديه قصص”.
وكذلك ابنته هناء/آنا، التي كانت تريد أن تتخلص هي الأخرى من “مآسي المهاجرين البائسة”، وأن تستطيع قبول بعضٍ من مكونات أصل عائلتها غير القابل للمساءلة، طلبت من أبويها الإفصاح عن حقيقة أصلهما، وتقول إنهما “بدلا من ذلك، يعيشون مع شعور دائم بالانفصام والعار”.
ومن الواضح أن الروائي عبد الرزاق قرنح، الذي يسعى في (الهدية الأخيرة) إلى إحداث نوع من التغيير الجذري في مشاعر مريم وعباس وهناء/آنا وجمال، وغيرهم من المهاجرين الملونين المستقرين في بريطانيا، قد استطاع أن يبرز لنا مقدرته العالية على خلق نماذج إنسانية معقدة وإضاءتها نفسيا وجسديا.
مقتطف من الرواية
She wants me to speak, she tells me it will do me good. She says I should speak so the children will know the things I have not told them. She says they are afraid of my secrets. I tell her that parents always have secrets from their children, don’t they? How did they know I had secrets for them to be afraid of? My father grew up poor as a child but when I knew him he was hard and frightening, a small tireless man who always gave orders. I don’t think I cared what he was not telling me about his life. Even if I did care, I would not have known how to ask him to tell me anything. Even if I did care, and even if I did ask, he would not have told me anything just because I cared. I never heard my mother speak about her childhood or her past …. Everyone has stories.
Comments are Closed