الشمعة الثامنة
Posted by:مسعود عمشوش | ديسمبر 12, 2012
هوامش حول مجموعة سماح ملهي القصصية: الشمعة الثامنة بقلم مسعود عمشوش
(الشمعة الثامنة) أول مجموعة قصصية للشابة سماح رياض ملهي التي فازت بجائزة رئيس الجمهورية بمحافظة عدن عام 2008 عن قصتها التي تحمل العنوان نفسه: الشمعة الثامنة. وقد صدرت المجموعة العام الماضي 2011 عن وزارة الشباب والرياضة. وتحتوي المجموعة على أربع وثلاثين قصة قصيرة أو قصيرة جدا، وثلاثين رسمه بريشة كل من (الهام الوصابي واشيد الحافرة وفاطمة نبيل وعبيد باعبيد ويسلم بامطرف ووائل ياسين) وتتوزع النصوص السردية والنصوص التشكيلية في واحد وأربعين صفحة لماعة من الحجم الكبير.
والقصة القصيرة – في الأصل – جنس سردي خيالي قصير يعتمد النثر ويتناول شخصية منفردة ومتفردة ومثيرة في لحظة فريدة ومتميزة من حياتها. ومع تطور الأجناس الأدبية وتداخلها، تطورت القصة القصيرة وتقلص حجمها. وحينما وظفت القصة القصيرة لغة نثرية مكثفة وأصبحت قصة قصيرة جدا وقصة ومضة اقتربت كثيرا من الشعر وأصبحت أقصودة. أما التميز والتفرد والإثارة فهي سمات تقرب القصة القصيرة من فن المفارقة.
والتكثيف والمفارقة هما العنصران اللذان يميزان عددا كبيرا من نصوص مجموعة الشمعة الثامنة لاسيما تلك (القصص القصيرة جدا) التي تبرز في نهاية مجموعة (الشمعة الثامنة)، وكذلك في بعض النصوص الداخلية مثل (بوح كاذب) (لحظة أمومة) وهي قصة قصيرة جدا مبينة على المفارقة إذ أنها تتناول لحظة عابرة في حياة امرأه قال لها الطبيب انها لن تنجب.. وهذه القصص القصيرة جدا هي التي، في اعتقادي، تجعل من مؤلفة المجموعة سماح ملهي تستحق بحق صفة القاصة.
(قراءة لثلاث منها)
طغيان الشخصية النمطية وغياب التميز
لقد سعت القاصة سماح إلى رسم نماذج إنسانية اجتماعية مثل المسنة والمتقاعد والعانس وقد نجحت كثيرا في رسم شخصيات المتقاعد والعانس والمسنة. في قصص مثل (عامان فقط) و (ذكريات مسنة) و(خروف العيد). لكن القاصة رسمت تلك الشخصيات في سماتها العامة والمتوافق عليها والتي دخلت حتى الأحكام المسبقة في تشكيلها، والتي سبق أن اختزنتها ذاكرة القارئ. هذا ما نجده مثلا في قصة المتقاعد الذي لا يستطيع الإيفاء بمصاريف العائلة (في هموم متقاعد ص22) أو العانس (عامان فقط)، أو الأم المسنة التي تقع ضحية زوجة الابن الأكبر وتراهن على طيبة الابن الأصغر الغائب، في (ذكريات مسنة. وفي كل تلك النصوص هناك غياب تام للتميز والشخصية المتميزة وهذا ما يبهت جانب الإثارة فيها.
المزج بين النص اللغوي والنص التشكيلي (الرسومات)
والرسم كما هو معلوم فن بصري يخاطب العين ويحول الصورة الواقعية المشدودة بمنطق الواقع الى نص/صورة بصرية تعتمد الخطوط والألوان والظلال، وكذلك المشاعر والاحاسيس والعواطف. ،أما السرد اللغوي النثري الخيالي فهو فن ذهني.
وفي هذه المجموعة تفرض الرسوم أو الصور تقسيما خاصا على مستوى الشكل الخارجي للنص، حيث صارت القصة مجزأة إلى نص لغوي ونص أيقوني أو تشكيلي، والنصان يلازم كلا منها الآخر ويؤكده ويسانده، فالرسوم تساعده على التخيل المفتوح. وهي بذلك ضرب من الإنشائية التصورية.
وهناك مجموعات قصصية لاسيما تلك التي تكتب للأطفال يكون مؤلفها هو نفسه الرسام لكننا هنا أمام نص لغوي وضعته سماح رياض ملهي ونص تشكيلي وضعه كل من الهام الوصابي واشيد الحافرة وفاطمة نبيل وعبيد باعبيد ويسلم بامطرف ووائل ياسين. ومادامت سماح قد رضيت بالطريقة التي أخرج بها نصها فكان عليها أن تقبل وضع اسماء الرسامين على غلاف المجموعة بجانب اسمها. وفي الحقيقة قبل أن يصير واضعو النص التشكيلي (الهام الوصابي واشيد الافرة وفاطمة نبيل وعبيد باعبيد ويسلم بامطرف ووائل ياسين) مؤلفين كانوا أولا قراء لنص سماح رياض.
وفي الحقيقة يفترض أن يكون هناك تعاضد وترابط بين الفكرة المنطوقة والفكرة المرسومة. وكذلك توحيد في الرؤية الدلالية . ويتحقق ذلك فعلا بشكل مقبول في بعض المجموعة مثلا في صورة الموجة العاتية والبحر وخليج الفيل في صفحة 29 التي تقرب المعنى في قصة (اريد ان اراه). وكذلك في قصة لحظة امومة في صفحة 15 وفي قصة ورقة طلاق صفحة 25. وفي صفحة 22 تجسد الصورة بشكل جيد الهموم التي تثقل كاهل المتقاعد.
بالمقابل لم أعثر على علاقة بين النص اللغوي والنص التشكيلي. في بعض الصفحات. مثلا في صفحة 16 ليس هناك علاقة بين محتوى النص اللغوي وبين رحيل وعودة القارب وخليج الفيل في النص التشكيلي. ولنشاهد كذلك الرسومات في 17 و16 و19. ففي هذه القصص ليس هناك تضافر واضح بين الرسـم مع النـص اللغوي. وطبعا تم اخراج جميع الرسومات بالأبيض والأسود. وكان يمكن أن تساعد الألوان على تعميق دلالة النص التشكيلي أو الأيقوني.
Comments are Closed