وجوه في مسار جامعة عدن: عمر سالم الحامدي
مسعود عمشوش
في بلدة الجحي، التي تشكل نقطة التقاء فرعي وادي دوعن، لأيسر ولأيمن، ولد سنة 1949 عمر سالم بن علي الحامدي. وفي هذه البلدة الدوعنية أكمل عمر دراسته الابتدائية سنة 1962. وبما أنه كان الأول على دفعته فقد تحصَل على منحة دراسية للالتحاق بثانوية الأعظمية في بغداد أيام حكم أسرة عارف. وبعد أن أكمل الثانوية بامتياز سُمِح له بالالتحاق بقسم الصحافة في كلية الآداب، جامعة بغداد.
وفي سنة 1970 عاد إلى بلاده وعيِّن مدرسا في ثانوية السيلة بالشيخ عثمان في عدن. وظلّ يدرس فيها حتى سنة 1974. وخلال تلك الفترة شارك مع د. سالم عمر بكير وعلي باذيب في تأسيس اتحاد الشباب اليمني الديموقراطي.
وفي نهاية 1974 سافر عمر الحامدي لتحضير الماجستير في جامعة القاهرة. وبعد أن أنهى بنجاح السنة التمهيدية تمّ تعيين مشرفا علميا لرسالته، لكن اتفاقية كامب ديفيد وسياسة المقاطعة العربية سنة 1977 دفعت السادات إلى طرد كثير من الطلبة اليمنيين من مصر، وأجبِر عمر الحامدي للعودة إلى عدن. وبعد جهود حثيثة أقنعه المرحوم سعيد النوبان، الذي كان حينها وزيرا للتربية والتعليم بالسفر إلى العراق لاستكمال دراسات الماجستير، وفعلا سافر عمر وأكمل الماجستير هناك، وذلك بعد أن حضّر رسالة حول (المقومات الاجتماعية للإعلام الريفي). وعاد إلى عدن سنة 1980 وعيّنه رئيس الجامعة سعيد النوبان مدرسا في كلية التربية العليا، جامعة عدن، وفيها أنيطت به مهمة تدريس مادة مناهج البحث العلمي في معظم أقسام الكلية.
ومن سنة 1981 وحتى سنة 1984 أصبحنا والزميل عمر سالم الحامدي وعدد من المدرسين الآخرين في كليات الطب والهندسة والتربية، نسكن في داخلية الجامعة بالتواهي، وكان هو قائدنا في النقاشات الطويلة حول مختلف قضايا الساعة، وكنا نستغرب من عدم قبوله الانضمام للحزب الحاكم ليتمكن من حل مشكلة سكنه ويكمل دينه ويتحصل على المكان المناسب. وفي سنة 1984، وبعد أن دفع أقساطا كثيرة للبنك الأهلي استلم عمر الحامدي سكنه في وحدة ريمي بالمنصورة، وأكمل دينه.
وفي نهاية عقد الثمانينيات بُعث عمر الحامدي لتحضير الدكتوراه في علم الاجتماع في الهند، وأكمل دراسته هناك في زمن قياسي مقارنة بالمبعوثين الآخرين. وبعد عودته تحصل على لقب أستاذ مساعد وانتقل إلى كلية الآداب سنة 1995، ليكون أحد المؤسسين لقسم علم الاجتماع فيها.
وشارك الدكتور عمر سالم الحامدي في مواد أول عدد من حولية كلية الآداب جامعة ببحث بعنوان (ظاهرة الغش وضعف الضبط الاجتماعي) 2002، ونشر في مجلة العلوم الاجتماعية والإنسانية بالجامعة بحثا حول (ظاهرة التعليم الحديث)، وبتوجيه من رئاسة الجماعة شارك في إعداد دراسة اجتماعية ميدانية حول تحولات القبيلة في بلادنا. ومع ذلك لم يتمكن عمر الحامدي، الرافض للانتماء الحزبي والدخول في أي نوع من (الكتبات)، من الحصول على لقب أستاذ مشارك، وفوجئ سنة 2005 بظهور اسمه ضمن أول مجموعة من أساتذة جامعة عدن أحيلت للتقاعد.
وبما أن حاجة القسم له كانت لا تزال قائمة فقد تعاقدت معه الكلية بمقابل وذلك حتى سنة 2012، ومنذ ذلك الحين ظل يدرس ويشرف على طلبة الدراسات العليا (ماجستير ودكتوراه)، لكن بدون أي مقابل. ومن الغريب حقا أن أي جهة لم تقترح على الدكتور عمر الحامدي القيام بمسئولية إشرافية طوال مسيرة حياته العملية. كما أن نظام إضفاء اللقب العلمي التالي لم يطبق معه. وهو، اليوم 12 ديسمبر 2022، لا يزال -ومنذ ٤٣ سنة-يدرس بدون مقابل . ويعد من أن أكثر الأساتذة التزاما بالحضور للكلية ومساعدة الطلبة وتوجيههم، ولا يستلم الا راتبه التقاعدي: 180 ألف ريال شرعي لا غير.
Comments are Closed